دجلة الخير -
متابعة
قرر مجلس الأمن الدولي بالإجماع انتهاء ولاية لجنة الأمم المتحدة المعنيَّة بالتعويضات عن الأضرار الناجمة عن غزو العراق للكويت عام 1990، بعد أن أوفت حكومة بغداد بالتزاماتها الدولية بالتعويض عن الخسائر والأضرار المادية.
وجاء دفع التعويضات
بعد أكثر من 30 عاماً، ليطوي العراق صفحة تعويضات مع الكويت، كانت بسبب اجتياح نظام
صدام حسين للأخيرة قبل ثلاثة عقود، وسط ترحيب من البلدين ببدء صفحة جديدة من العلاقات
بينهما.
تعويضات الكويت
بدأت لجنة التعويضات
عملها في مايو 1991 بموجب القرار رقم 692 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، وتولت اللجنة
المسؤولية عن إدارة التعويضات المالية المفروضة على العراق للكويت، والتي كانت تستقطع
5% من عائداته من مبيعات النفط والمنتجات البترولية والغاز الطبيعي لتسديد التعويضات.
وأكد مايكل غافي،
رئيس مجلس إدارة لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتعويضات، في 22 فبراير 2022، أنه تم
تقديم 2.7 مليون مطالبة إلى اللجنة للحصول على تعويضاتٍ قدرها 352 مليار دولار، ولكن
تم منح ما مجموعه 52.4 مليار دولار تعويضاً لـ1.5 مليون مطالب، وكانت الدفعة الأخيرة
من قبل اللجنة في 13 يناير 2022.
ويمثل هذا ما يقرب
من 15% من إجمالي المبالغ المطالب بها، ويعكس الاستعراض الشامل الذي أجرته اللجنة،
وبذلك يكون العراق بعد هذا القرار قد خرج من إجراءات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة،
والتي يخضع لها منذ عام 1990.
وعبَّر "غافي"
عن تعاطفه مع شعبَي العراق والكويت، بسبب تحملهما إرثاً طويلاً ومؤلماً من هذا الصراع،
مؤكداً أن التحدي الذي واجهته اللجنة، لم يكن فقط مجرد رد للحقوق، بل تمثل أيضاً في
المصالحة.
وفي السياق نفسه،
قال "غافي" إن اللجنة برهنت على إمكانية إعادة الإعمار والمصالحة بعد الحرب،
مشيراً إلى أن مجلس إدارة اللجنة ومنذ إنشائه، استضاف عدة ممثلين عن العراق والكويت،
ولعب دوراً في توفيق العلاقات بين البلدين.
ترحيب عراقي
ورغم الظروف والتحديات
التي عصفت بالعراق بعد عام 2003، وما تسبب به احتلال أمريكا للعراق، وما تزامن مع هذه
السنوات من تراجع في الوضعين الأمني والاقتصادي، وما تبع ذلك من سيطرة تنظيم
"داعش" على ثلث البلاد، فإن العراق استمر في دفع النسبة المطلوبة من عائدات
تصدير النفط إلى صندوق التعويضات.
وبعد انتهاء العراق
من دفع التعويضات للكويت، رحب البلدان بهذه الخطوة مع السعي لفتح صفحة جديدة من العلاقات
بين البلدين، وهو ما جاء على لسان وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الذي قال إن بلاده
طوت صفحة مهمة من تاريخها، استمرت ثلاثين عاماً، وتبدأ الآن صفحة جديدة من تاريخها
الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي.
وقال حسين، إن بلاده
تسعى لتعزيز أطر التعاون مع المجتمع الدولي، وفي المقدمة منه الأمم المتحدة باعتبار
أن العراق هو أحد المؤسسين لهذه المنظمة والموقعين على ميثاقها في 14 أكتوبر 1945،
ومن أجل أن يستعيد دوره الذي كان عليه كعضو فعال ومسؤول في الأسرة الدولية.
وفي الشأن ذاته،
أشار مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة منصور العتيبي، إلى أن وفاء العراق بالتزاماته
يمثل نقطة انطلاق جديدة، ويدعم ذلك جهوده ومساعيه الرامية إلى استعادة دوره ومكانته
الطبيعية في محيطه الإقليمي والدولي، معرباً عن تطلع بلاده إلى مواصلة العمل والتعاون
مع الحكومة العراقية لإنهاء المسائل والالتزامات المتبقية المتعلقة بملف المفقودين
الكويتيين ورعايا الدول الأخرى.
نتائج متوقعة
خبراء اقتصاديون
ومتابعون للشأن العراقي يرون أن البلاد بحاجة لتوظيف أموال النفط، بداية من البنية
التحتية والمشاريع المدرة للدخل، مع توقعات لبداية تحسن كبير في الاقتصاد، خاصة مع
إغلاق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لتعود البلاد إلى الحياة الاقتصادية والاندماج
مع العالم من جديد.
ويشير الخبير الاقتصادي
باسم أنطوان، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية في 23 ديسمبر 2021، إلى أن إغلاق ملف
تعويضات الكويت سيعيد الثقة بالعراق واستثماراته، وتحسين صورته وسمعته بين دول عدة
وشركات لخدمة أبناء البلد، فضلاً عن ثقة المواطنين الأجانب بالعراق.
وقال "أنطوان"
إن الخروج من البند السابع ستتبعه بعض الإجراءات الأخرى، ولكنه خطوة مهمة نحو الأمام،
تُبقي على جهود البنك المركزي في هذه العملية، موضحاً أن قيمة مبلغ التعويضات ستستمر
بعد إغلاق الملف ووضعه في صندوق سيادي، لنكون أسوة بباقي دول الخليج ويكون هذا الصندوق
ذا نتائج مجزية.
بدوره، ذكر الأستاذ
بجامعة البصرة نبيل جعفر، أنه بات واجباً على الحكومة العراقية أن تطلب إخراج العراق
من الفصل السابع إلى السادس وتحرير حساباته المالية، خاصةً عائدات النفط التي تذهب
إلى البنك الفيدرالي الأمريكي ليستقطع منها حصة تعويضات الكويت.
مستقبل علاقات العراق
والخليج
يعتقد أستاذ التاريخ
السياسي د. بشار فتحي العكيدي، أن إنهاء ملف التعويضات ستكون له انعكاسات إيجابية على
الطرفين، فالعراق سيحقق إيرادات إضافية لخزينة الدولة كانت تستنزف ما بين 3% و5% من
إيراداته النفطية السنوية، كما أن هذا الالتزام أعطى مصداقية للحكومات العراقية في
الالتزام بالتعهدات الدولية.
ويضيف العكيدي في
حديثه مع "الخليج أونلاين"، أن الكويت تمكنت من كسب مبالغ التعويضات كافةً
التي أقرها مجلس الأمن الدولي والتي ألزمت العراق بدفعها لها، مشيراً إلى أن إنهاء
هذا الملف يصب في مصلحة الطرفين ويقرّب بينهما بشكل كبير، من خلال تحقيق تقارب سياسي
يسهم في دعم توجهات البلدين سواء على النطاق العربي أو الإقليمي أو الدولي.
وحول تأثير ملف التعويضات
على علاقات العراق بدول الخليج العربي، يؤكد العكيدي أن الدول الخليجية اعتبرت أن الاعتداء
على الكويت في 1990 هو اعتداء على كل الدول الخليجية آنذاك، لذلك فإن إنهاء هذا الملف
بتسديد العراق كل التزاماته المالية للكويت يسهم بشكل كبير في تذليل العقبات كافةً
التي كانت تقف في طريق تمتين العلاقات.
ويلفت إلى أن العراق
بحاجة كبيرة للدعم من الدول الخليجية التي لها تأثير سياسي كبير على الصعيد العربي
والآسيوي والدولي، لاسيما أن العراق وبعد عام 2003، كان بحاجة ماسة لدعم الدول العربية
من أجل النهوض والعودة إلى ممارسة دوره السياسي الطبيعي.
ويشير العكيدي إلى
أن العراق بإمكانه تقوية علاقاته بدول الخليج من خلال السماح للشركات النفطية الخليجية
باستغلال الغاز الطبيعي العراقي، فضلاً عن السعي الجاد لربط العراق بمنظومة الكهرباء
الخليجية، وكل ذلك بإمكانه أن يسهم ويصب في مصلحة تطوير علاقات العراق بدول الخليج
العربي، فضلاً عن وجود مصالح لدول الخليج العربي بالعراق تتمثل في تحقيق عمق اقتصادي
كبير ينعكس بدوره على الجانب السياسي لكلا الطرفين.
تقرير – موقع الخليج
أونلاين
شارك بتعليق
 
 
 
