عبدالمنعم الاعسم
حوار الغرف "الشيعية" التي يديرها مقتدى الصدر في الساعات المحرجة الآن، تدور (من زاوية معينة) حول مستقبل المالكي في ترتيبات الحكومة المقبلة، وأيا تكون مخرجات هذا الحوار فان المالكي، خرج من كونه لاعبا محورياً، من ضمن لاعبين عدة، الى ملعبٍ للمحاورين لخصومه الكثيرين، ثم لمريديه الذين يجربون (الآن) فيه لياقة المبررات المستحيلة لوضعه في قلب معادلة الحكم، وذلك قبل ان يطاح به الى خارج المعادلة، او اختزاله الى مقعدٍ وزاري "ذليل على مائدة اللئام" او مقعدين، في وقت كفّ الجميع (حتى منتقديه) عن التذكير بفنون ادارته (الكارثية الشنيعة) للدولة يوم اجتاح جراد داعش البلاد وبسط هوله على ثلث اراضيها، وكان المالكي حينها قائدا عاما للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع والداخلية في ذات الوقت.
سقوط المالكي، وخروجه من المعادلة الى الهامش هو الطور الاول الابتدائي من مخاضات التغيير، ولا يحسبن احد ان هذا السقوط، ومسار التغيير، يدخلان في رصيد "المشروع الصدري" إلا جزئيا، ذي صلة بموقف الصدر المُعلن حول إبعاد المالكي من حكومة الانتخابات المبكرة، وتبقى الايام القادمة اختبارا للوعود الصدرية بمكافحة الفساد وتحقيق الاصلاحات وطي مرحلة المحاصصة البغيضة.
اقول ان ازاحة المالكي، كسياسي فاشل وراعي للفساد ومطلوب للحساب، هو الطور الاول الابتدائي نحو عملية التغيير التي تبنتها ملايين التشرينيين، وعمدتها بآيات الافتداء الاسطورية، ووضوح الهدف "نريد وطن" واتوقف ملياُ عند دلالة هذا الطور، فلا يصحّ ان نبالغ في نتائجه على الارض من خلال متابعة تشرذم وتناحر اذرع سلطة المحاصصة والطائفية والسلاح المنفلت، ولا ان نستهين بما تحقق في نتائج الانتخابات المبكرة، وابرز تلك النتائج وصول نواب تشرينيين مستقلين الى قبة البرلمان، واعلان جدية معارضتهم لعهود المحاصصة والخراب.
بوجيز الكلام، المالكي كرمز مرحلة، ازيح جانبا.. فيما مريدوه (الذين لم يزاحوا بعد) هم الان اضعف من اي وقت مضى، ليس فقط لأنهم ضحايا لـ"مؤامرة" من جهة غرب العراق، بل لأنهم لم يتعلموا من دروس تشرين شيئاً، ولا من دروس حكمهم لعقدين من عمر العراق.. ولا يريدون ان يتعلموا.
استدراك:
في علوم السياسة يقال ان الزعامة التي لا تتعلم من دروس الاحداث انما تتآمر على نفسها وعلى مستقبلها السياسي.
شارك بتعليق
 
 
 
