المناورة البحرية مشتركة وهي الثالثة من نوعها، بين إيران ورسيا والصين، انطلقت
شمال المحيط الهندي، الهدف منها كما تزعم الدول الثلاث، تعزيز الأمن في المنطقة، وتوسيع
التعاون متعدد الأطراف بين الدول الثلاث لدعم السلام العالمي والأمن البحري بشكل مشترك،
وخلق مجتمع بحري ذي مستقبل مشترك.
وعلى الرغم من كون المناورة عسكرية، إلا أن أهدافها سياسية بالأساس نظراً للأطراف
والتوقيت، فتأتي في ظل تواتر بعض التصريحات من الدبلوماسيين الغربيين والإيرانيين عن
التوافق على كثير من القضايا بشأن الاتفاق النووي بين إيران والغرب، كما تأتي في ظل
زيارة الرئيس الإيرانى لروسيا في أول زيارة له، والتي تزامن معها حديث وسائل الإعلام
الإيرانية عن عرض رئيسي وثيقة للتعاون الاستراتيجي بين إيران وروسيا لمدة 20 عاماً
على غرار اتفاقية التعاون الاستراتيجي مع الصين.
كما تأتي التدريبات البحرية المشتركة الأخيرة وسط توترات شديدة بين روسيا وحلف
شمال الأطلسي بشأن حشد هائل للقوات العسكرية الروسية على الحدود الأوكرانية، ولم تشر
الولايات المتحدة إلى أنها سترسل قوات للدفاع عن أوكرانيا، لكن إدارة جو بايدن قالت
إنها ستفرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على روسيا إذا قامت بغزوها.
بالنسبة لبكين، تواصل استيراد النفط الإيراني على الرغم من مخاطر غرامات الخزانة
الأميركية، فإن رفع العقوبات الأميركية على التجارة مع إيران سيكون ميزة، حيث كانت
الصين قبل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018، تستورد ما يقرب من 10 في المئة
من نفطها من إيران واستثمرت في البنية التحتية لشراء كميات أكبر من النفط.
اما لإيران فتعمل من الجهة الأخرى على تعزيز علاقتها بالقوى المناوئة للولايات
المتحدة والغرب، وهما الصين وروسيا. وهو أمر ليس جديداً، إذ أعلن من قبل وزير الخارجية
الإيراني أمير حسين عبد اللهيان أن توجه السياسات الخارجية للرئيس إبراهيم رئيسي سيكون
شرقاً ولجيران إيران في المنطقة العربية.
الأهداف والمصالح بين إيران وروسا والصين، ما تجعل التقارب بينها ملحاً لمواجهة
سياسة الولايات المتحدة تجاه كل منها. لكن لا يمكن القول إنه تحالف قوي ودائم وإنما
مصلحي ومرتبط ببعض الملفات الموجهة ضد واشنطن.
ويحاول الثلاثي تشكيل تحالف أهدافه سياسية وعسكرية لمواجهة المحاولات الأميركية
للتصدي للصعود الصيني المتزايد في منطقة الأندوباسيفيك، وتركيز دوائر صنع القرار في
واشنطن على إعادة توجيه تركيزهم إلى الصين، التي قد تكون على وشك تجاوز الولايات المتحدة
في القوة الاقتصادية العالمية في العقود المقبلة، كما تسعى واشنطن للضغط على السياسة
الإيرانية فى الشرق الأوسط وروسيا فى شرق أوروبا.
د. نوري حمدان
شارك بتعليق
 
 
 
