بقلم - فلاح المشعل
أمر غريب أن يصدر مثل هذا
التوجيه عن مجلس القضاء العراقي الذي عرف بدقته والتزامه بالمحددات التي ثبتها الدستور
العراقي وأعطى له استقلالية السلطة والدور في تحقيق العدالة وحماية الدستور والمواطن
العراقي من عسف السلطات الأخرى أن حدثت.
حرية الاعلام والتعبير
مكفولة دستوريا أيضا، ولا نعرف ماذا يشكل الاعلام من خطر على الاخلاق العامة؟ هذه جملة
فضفاضة غير محدد، وبالأمكان أن تحاكم أي نقد يصدر عن وسائل الإعلام تحت هذا الافتراض،
ثم ماهي منظومة الاخلاق العامة؟ ومن يحددها لكي يتاح للاعلام معرفة ذلك.
كيف نحدد بأن هذه الفكرة
أو تلك الصورة تخدش الحياء أو تروج لأفكار هدامة وتتنافى مع الالتزام الديني والأخلاقي،
ماهو المعيار لتمييز الاخلاقي من اللااخلاقي؟ وأي التزام ديني مقصود، هل المقصود الدين
الاسلامي أم يشمل جميع الاديان، ومن يحدد ذلك، هل الدوائر الأمنية؟ وهل تمتلك مرجعيات
دينية ومعرفة بالشريعة والفقه وتفرعاته العديدة، ووفق أي مذهب ستكون المراجعة أو الاتهام؟
قضية الترويج الطائفي من
الأمور المهمة جدا، وحسناً أن تلتفت اليه عناية القضاء العراقي ومجلسه الموقر، لكن
ينبغي أن يصدر تشريع عن مجلس النواب بتجريم الشحن والتعصب الطائفي والتحريض على الصراع
الطائفي والديني والعنصري، وأن لاترتبط بموسم الانتخابات فقط، لأن ارتباطها بالانتخابات
ينطوي على غايات سياسية تعمل بالتحشيد الطائفي وترتبط بأهداف الوصول للسلطة.
الأمر القضائي سوف لن يحقق
الأهداف التي أشار لها لأنها لاتخضع لمحددات مفهومة ومعروفة اجتماعيا وعرفيا، واختلاط
الانتخابي السياسي بما هو طائفي ينأى بأتجاه الجريمة الاجتماعية السياسية التي تحتاج
لبحث معمق ومراجعة ترتبط بالأحداث المريرة التي عاشها الوطن منذ عام 2003.
هذ الكتاب لاينسجم مع روح
الديمقراطية ويكرس الهيمنة الأمنية وبقية المؤسسات على الاعلام ومنع التعبير بحرية
كما نص عليها الدستور، سوف يستغل لوظيفة واحدة فقط وهي قمع الأصوات الاعلامية الحرة
التي تمارس النقد ضد الفساد والفاسدين والفشل الاداري والسياسي، وإذا مانفذ سيكون بمقدور
المسؤول الفاسد أو السياسي الفاسد أن يقاضي الاعلامي أو الجهة الاعلامية بتهمة الاساءة
للاخلاق أو ترويج الافكار الهدامة وغيرها مماورد من توصيفات بالكتاب، أهيب بالسيد رئيس
مجلس القضاء الأعلى جناب الدكتور فائق زيدان المحترم.. مراجعة الموضوع وإعادة النظر
بهذا الأمر.
شارك بتعليق
 
 
 

